ما تعريف التوحيد وأنواعه؟ يجيب عنه الشيخ العثيمين
يرجى التثبيت
الجواب: التوحيد لغة: ((مصدر وحد يوحد، أي جعل الشيء واحداً)) وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد
حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها
لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة
الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً((فلان قائم)) فهنا أثبت له القيام لكنك لم
توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت ((لا
قائم)) فقد نفيت نفياً محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت: ((لا قائم
إلا زيد)) فحينئذٍ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه،
وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع، أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً .
وأنواع التوحيد بالنسبة لله-عز وجل- تدخل كلها في تعريف عام وهو ((إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به)) .
وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة:
الأول: توحيد الربوبية .
الثاني: توحيد الألوهية .
الثالث: توحيد الأسماء والصفات .
وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء، والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية: وهو ((إفراد الله - سبحانه وتعالى- بالخلق، والملك، والتدبير)) وتفصيل ذلك
أولاً:
بالنسبة لإفراد الله –تعالى- بالخلق: فالله تعالى وحده هو الخالق لا خالق
سواه، قال الله تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ
مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) (فاطر:3) وقال تعالى
مبيناً بطلان آلهة الكفار: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا
تَذَكَّرُونَ) .(النحل:17). فالله تعالى وحده هو الخالق خلق كل شيء فقدره
تقديراً، وخلقه يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً،
ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقاً لأفعال
العباد كما قال الله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)
.(الصافات الآية:96ا). ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله،
وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة
تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله –عز وجل- وخالق السبب التام
خالق للمسبب .
فإن
قيل: كيف نجمع بين إفراد الله –عز وجل- بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير
الله كما يدل عليه قول الله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ)(المؤمنون: الآية14) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في
المصورين: ((يقال لهم: أحيوا ما خلقتم))1 ؟
فالجواب
على ذلك: أن غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا
إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة
إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله –عز وجل- فالمصور مثلاً، إذا صور صورة فإنه لم
يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حول شيئاً إلى شيء، كما يحول الطين إلى
صورة طير، أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة
فالمداد من خلق الله –عز وجل- والورقة البيضاء من خلق الله –عز وجل- هذا
هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله-عز وجل- وإثبات الخلق بالنسبة
إلى المخلوق . وعلى هذا يكون الله –سبحانه وتعالى- منفرداً بالخلق الذي
يختص به .
ثانياً:
إفراد الله –تعالى- بالملك فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله
تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ) (سورة الملك،الآية:1) وقال تعالى: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ
كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَار عَليهِ)(سورة المؤمنون الآية:88)
فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله –سبحانه وتعالى- وحده، ونسبة
الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله –عز وجل- لغيره الملك كما في
قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ)(النور: من الآية61) وقوله
إِلاَّ
عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم)(المؤمنون: من
الآية6) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن لغير الله تعالى ملكاً، لكن
هذا الملك ليس كملك الله –عز وجل- فهو ملك قاصر، وملك مقيد، ملك قاصر لا
يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد،
ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما بملك إلا على الوجه الذي
أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال
الله –تبارك وتعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي
جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)(سورة النساء، الآية:5) وهذا دليل على أن
ملك الإنسان قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله –سبحانه وتعالى- فهو ملك عام
شامل وملك مطلق يفعل الله –سبحانه وتعالى- ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم
يسألون .
ثالثاً:
التدبير، فالله –عز وجل- منفرد بالتدبير فهو الذي يدبر الخلق ويدبر
السماوات والأرض كما قال الله –سبحانه وتعالى-: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ
وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(سورة الأعراف،
الآية:54) وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء . والتدبير
الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه
ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق، فظهر بذلك صدق صحة قولنا إن توحيد الربوبية هو ((إفراد الله بالخلق، والملك، والتدبير)) .
النوع الثاني:
توحيد الألوهية، وهو ((إفراد الله –سبحانه وتعالى- بالعبادة)) بأن لا يتخذ
الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله –تعالى- ويتقرب
إليه، وهذا النوع من التوحيد
هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، واستباح
دماءهم، وأموالهم، وأرضهم، وديارهم، وسبى نساءهم وذريتهم، وهو الذي بعثت
به الرسل، وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات،
لكن أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد
–وهو توحيد الألوهية- بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله
–سبحانه وتعالى- لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد
من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله –عز وجل- ومن أخل بهذا التوحيد
فهو مشرك كافر، وإن أقر بتوحيد الربوبية، وبتوحيد الأسماء والصفات . فلو
أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله –سبحانه وتعالى- هو الخالق، المالك،
المدبر لجميع الأمور، وأنه –سبحانه وتعالى- المستحق لما يستحقه من الأسماء
والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء
والصفات . فلو فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد
الأسماء والصفات لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه، أو ينذر له قرباناً
يتقرب به هل إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في النار، قال الله –تبارك
وتعالى-: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ
عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
أَنْصَارٍ)(المائدة: الآية72) ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله –عز وجل-
أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، واستحل دماءهم،
وأموالهم، وسبى نساءهم وذريتهم، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله تعالى
وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره
صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال .
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات،
وهو ((إفراد الله - سبحانه وتعالى- بما سمى الله به نفسه ، ووصف به نفسه
في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته من
غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل)) . فلا بد من الإيمان
بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز، ولكن من
غير تكييف، ولا تمثيل، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى:
منهم من غلا في النفي والتنزيه غلواً يخرج به من الإسلام، ومنهم متوسط، ومنهم قريب من أهل السنة . ولكن طريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة، لا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .
مثال
ذلك: أن الله - سبحانه وتعالى- سمى نفسه بالحي القيوم فيجب علينا أن نؤمن
بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم
من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء . وسمى الله
نفسه بالسميع فعلينا أن نؤمن بالسميع اسماً من أسماء الله –سبحانه وتعالى-
وبالسمع صفة من صفاته، وبأنه يسمع وهو الحكم الذي اقتضاه ذلك الاسم وتلك
الصفة، فإن سميعاً بلا سمع، أو سمعاً بلا إدراك مسموع هذا شيء محال وعلى
هذا فقس .
مثال
آخر: قال الله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ
مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(المائدة: الآية64). فهنا قال
الله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية64) فأثبت لنفسه
يدين موصوفتين بالبسط، وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله
تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم، ولكن يجب علينا أن لا نحاول
بقلوبنا تصوراً، ولا بألسنتنا نطقاً أن نكيف تلك اليدين، ولا أن نمثلهما
بأيدي المخلوقين، لأن الله –سبحانه وتعالى- يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11) ويقول الله تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا
لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33). ويقول عز وجل: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36). فمن مثل هاتين اليدين
بأيدي المخلوقين فقد كذب قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌُ).(الشورى: الآية11) وقد عصى الله تعالى في قوله: (فَلا تَضْرِبُوا
لِلَّهِ الأَمْثَالَ)(النحل: الآية74) ومن كيفهما وقال هما على كيفية
معينة أياً كانت هذه الكيفية، فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفى ما ليس
له به علم .
ونضرب
مثالاً ثانياً في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت
لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ (استوى)
وبلفظ (على العرش) وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا
عدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى:
(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .(طـه:5) .وأمثالها من الآيات .
أنه علا على عرشه علواً خاصاً، غير العلو العام على جميع الأكوان، وهذا
العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة، فهو عالٍ على عرشه علواً يليق به
–عز وجل- لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على الأنعام ،ولا علوه
على الفلك الذي ذكره الله في قوله: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ
وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ)(الزخرف: من الآية12) .(لِتَسْتَوُوا عَلَى
ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ
عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا
لَهُ مُقْرِنِينَ) (الزخرف:13). (وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا
لَمُنْقَلِبُونَ) .(الزخرف:14) . فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن
يماثله استواء الله على عرشه؛ لأن الله ليس كمثله شيء .
وقد
أخطأ خطأ عظيماً من قال إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن
هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة –رضوان الله
عليهم- والتابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن
يتفوه بها بالنسبة لله –عز وجل- والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك
كما قال الله –سبحانه وتعالى-: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) ومقتضى صيغة ((استوى على كذا)) في
اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ . فمعنى استوى
على العرش أي: علا عليه علواً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر
الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه، حيث نفى المعنى الذي تدل
عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً .
ثم
إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف
واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن
السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما
يدل عليه .
فإن قال قائل: هل ورد لفظ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ (علا)؟
قلنا:
نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل
فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باقٍ على ما
تقتضيه اللغة العربية من المعنى، فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى .
أما اللوازم الباطلة التي تلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء فهي:
أولاً:
أن العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس ملكاً لله –تعالى- لأن الله –تعالى-
قال: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش)(الأعراف: الآية54).
وعلى هذا فلا يكون الله مستولياً على العرش قبل خلق السماوات ولا حين خلق
السماوات والأرض .
ثانياً:
أنه يصح التعبير بقولنا إن الله استوى على الأرض، واستوى على أي شيء من
مخلوقاته، وهذا بلا شك ولا ريب معنى باطل لا يليق بالله –عز وجل- .
ثالثاً: أنه تحريف للكلم عن مواضعه .
رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح –رضوان الله عليهم- .
وخلاصة
الكلام في هذا النوع –توحيد الأسماء والصفات- أنه يجب علينا أن نثبت لله
ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه الحقيقة من
غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .