موضوع: دروس في علوم القرآن الكريم 2009-09-23, 23:12
لقد تعددت الأقول في آخر ما نـزل ، قال القاضي أبو بكر معللا تعدد الأقوال : (( هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي وكل قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو ويحتمل أيضا أن تنـزل هذه الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول مع آيات نـزلت معها فيؤمر برسم ما نـزل معها بعد رسم تلك فيظن أنه آخر ما نـزل في الترتيب انتهى )(الإتقان1/84) وإليكم هذه الأقوال القول الأول : آخر ما نـزل قوله تعالى { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } [ البقرة ] ودليه ما أخرجه النسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : آخر شيء نـزل من القرآن { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : آخر ما نـزل من القرآن كله { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } الآية . وعاش النبي بعد نـزول هذه الآية تسع ليال ثم مات ليلة الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول وأخرج من طريق عطية عن أبي سعيد قال آخر آية نـزلت { واتقوا يوما ترجعون } الآية . القول الثاني : آخر آية نـزلت آية الربا ، ودليه ما أخرجه البخاري عن ابن عباس قال : آخر آية نـزلت آية الربا . وروى البيهقي عن عمر مثله والمراد بها قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } وعند أحمد وابن ماجه عن عمر من آخر ما نـزل آية الربا وعند ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا عمر فقال إن من آخر القرآن نـزولا آية الربا وأخرج ابن مردويه نحوه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ آخر آية نـزلت وأخرجه ابن جرير من طريق العوفي والضحاك عن ابن عباس وأخرج ابن جرير مثله عن ابن جريج وأخرج أبو عبيد في الفضائل عن ابن شهاب قال آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين
القول الثالث : وأخرج ابن جرير من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه بلغه أن أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدين مرسل صحيح الإسناد قال السيوطي : ولا منافاة عندي بين هذه الروايات في آية الربا ، (واتقوا يوما ) وآية الدين لأن الظاهر أنها نـزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ولأنها في قصة واحدة فأخبر كل عن بعض ما نـزل بأنه آخر وذلك صحيح وقال ابن حجر في فتح الباري (8/205) طريق الجمع بين القولين : ( في آية الربا واتقوا يوما أن هذه الآية هي ختام الآيات المنـزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن ويجمع بين ذلك وبين قول البراء بأن الآيتين نـزلتا جميعا فيصدق أن كلا منهما آخر بالنسبة لما عداهما ). القول الرابع : روى البخاري عن البراء بن عازب قال آخر آية نـزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ، وآخر سورة نـزلت : براءة )) قال السيوطي : وقول البراء ، آخر ما نـزل يستفتونك أي في شأن الفرائض ، قال ابن حجر في فتح الباري(8/205) : ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف آية البقرة ويحتمل عكسه والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاء المستلزمة لخاتمة النـزول . القول الخامس : ما نقله ابن كثير عن الأمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب قال آخر آية نـزلت : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة) واختلف في آخر سورة نـزلت : - أخرج مسلم عن ابن عباس قال آخر سورة نـزلت إذا جاء نصر الله والفتح - وأخرج النسائي والحاكم عن عائشة قالت آخر سورة نـزلت المائدة فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه . - و عن عبد الله بن عمرو قال آخر سورة نـزلت سورة المائدة والفتح قلت : (يعني إذا جاء نصر الله)(رواه مسلم) . - وفي حديث البراء بن عازب الذي رواه البخاري : آخر سورة نـزلت براءة . قال البيهقي يجمع بين هذه الاختلافات إن صحت بأن كل واحد أجاب بما عنده