قال سبحانه لرسوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة القلم :4].
قال أنس رضي الله عنه: «كان رسول الله أحسن النّاس خلقا» [متفق عليه].
وقال سبحانه عن صفات عباده المتقين: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة آل عمران: من الآية 134].
وعن عبدالله بن عمرو قال: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا» [متفق عليه].
وقال: «مامن شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء» [رواه الترمذي].
وروى عن ابن المبارك في تفسير حسن الخلق قال: "طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى".
من منّا لم ينقل على لسانه كلام لم يتفوه به؟
من منّا لم ينله الأذى ممّن حوله..؟!
ولكن هل نرد الإساءة بالإساءة..؟؟
وهل نعامل النّاس كما يعاملوننا..؟؟
لا، بل يجب على كل امرئ منّا، أن يوطن نفسه على أن يعامل الآخرين بأخلاقه هو، وليس بأخلاقهم.
فان أساؤوا لك فأحسن... وإن أحسنوا فزد بالإحسان إحسانا...
ولا ترد الإساءة بالإساءة، لأنّك بذلك تتخلق بأخلاقهم وتصبح واحدا منهم.
قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [سورة فصلت: من الآية 34].
وهذه الدرجة عالية، ينالها الخاصة من المؤمنين، وتحتاج إلى صبر وحلم، لذا قال سبحانه: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [سورة فصلت: 35].
واعلم أنّك بمعاملتك لهم بأخلاقك لا بأخلاقهم، سوف تصفي نفوسهم من الحقد
وترجع لهم صوابهم، وتعيد لهم فرصة التفكير بأخلاقهم ثم إن أحسنت وبذلت
المعروف، فلا تنتظر الثناء والشكر من أحد...
ووطن نفسك على العطاء وعدم الأخذ... بل انتظر ثواب الله تعالى وفضله وإحسانه.
ولا تقدم رضا الخلق على رضى الخالق عز وجل...
بل أرض الخالق على حساب رضاهم...
وتذكر دوما بأنّ رضا النّاس غاية لا تدرك، ولم نؤمر به، وأنّه سيظل هناك
من يكرهك ويحسدك ويتجاهلك مهما فعلت... لأسباب قد تكون وجيهة أحياناً، وقد
لا تكون وجيهة بتاتا...
وتمسّك دائماً بمبادئك الراقية، وأخلاقك العالية، عند تحاورك مع الآخرين، وترفع عن سفاسف الأمور...
ووطن نفسك على أنّك ستجد في كل مكان، من لا يعجبك بعض تصرفاته...
وتخلق بأخلاق الإسلام، ولا يهمك أن يكون هناك من لا يتخلق بها من أهلها، بل اترك أمرهم لله تعالى...
وتمثل قول القائل:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً *** بالطوبِ يُرمى فيرمي أطيب الثمرِ
و لا تنس أنّك أنت المسؤول عن معاملة النّاس لك...
قال بعضهم: "كن خلوقا تنل ذكرا جميلا".
وكن حسن الخلق مع نفسك، وهو ما يسميه العلماء بالمروءات.
إنّك بأخلاقك قادر على أن تكوّن شبكة واسعة من العلاقات الإجتماعية بكلماتك المهذبة وآدابك السمحة.
وقدوتك في ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فالأخلاق هي التي تجذب الآخرين إليك، فتكون حقا الشخصية المغناطيسية الحقيقية.
دمــتم بحفظ الله ورعايته.