جدار غزة الفولاذي يفضح الأنظمة العربية
أجبرت
الحكومة التركية إسرائيل على تقديم اعتذار خطي الأربعاء 13 يناير بعد
توبيخ سفيرها في تل أبيب، وكانت إسرائيل قد أبدت قلقها من الانتقادات
المتكررة لسياستها الخارجية من طرف المسؤولين الأتراك، وخاصة رئيس الوزراء
السيد رجب طيب أردوغان، هذا الأخير الذي دعا إسرائيل إلى تقديم اعتذار عن
إهانة سفيرها، وإلا فإنها ستضطر لمعاملتها بالمثل.
يشار إلى أن تركيا ورغم العلاقات
التي تربطها بإسرائيل قد اتخذت موافق مناوئة لها منذ الحرب على غزة في
دجنبر 2008، على عكس الدول العربية التي تعتبر المتضرر الأول والمباشر من
سياسة الكيان الصهيوني، والتي تتخذ خطوات مهادنة ومبررة لمكر الجار العدو.
وقد أعطت
القيادة المصرية أوامرها مؤخرا ببناء جدار فولاذي عازل على الحدود بين مصر
وقطاع غزة في محاولة لشل الاقتصاد المحلي لغزة الذي سيفقد انتعاشه بإغلاق
حوالي 150 إلى 200 نفق لعبور جميع أنواع السلع من الجانب المصري، والتي
تعتبر متنفسهم الوحيد نحو العالم.
وتأتي هذه الخطوة من أجل تكسير
صمود حماس في غزة وتشديدا للخناق عليها بعدما أبدت معارضتها لصفقة الجندي
الأسير شاليط بالشروط الإسرائيلية.
وغداة اكتشاف
بناء الجدار من طرف وكالات الأنباء أصدر الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين فتوى بتحريم بناءه، لتقوم قائمة مصر وتدفع ذراعها
الديني الأزهر لإصدار فتوى مضادة بجواز بناءه حفاظا على أمن مصر. مما يؤكد
بالملموس رضوخ الدولة المصرية لإملاءات واشنطن وتل أبيب، وربما كان ذلك
حسب بعض المراقبين مقابل السماح لها بتوريث الحكم بين حسني مبارك ونجله
جمال، خاصة وأن الرئيس المصري قد ناهز الثمانين من عمره.
وفي السياق ذاته فقد نجحت
الولايات المتحدة في إشغال الدول العربية بقضايا مفتعلة في العراق واليمن
والصومال، إذ خلافا لما ينتظر منها من دعم غير مشروط للقضية الفلسطينية
فقد طالبت المملكة العربية السعودية من حماس الإعلان عن هويتها العربية،
في إشارة إلى رفضها استمرار دعم إيران للمقاومة، لأن ملف المصالحة الوطنية
بين حماس وفتح قد أضحى بيد العرب، وللأسف هم من أصبحوا يكرسون المعاناة
والأزمة في فلسطين.
ويشكل تملص
إسرائيل والولايات المتحدة من دعم عباس رغم كل التنازلات التي قدمها
بالتزامن مع صعوبة تنفيذ صفقة مبادلة الأسرى والشروع في بناء الجدار،
ملامح حرب قادمة جديدة على غزة لا قدر الله.
لكن الغريب
في الأمر أن هناك إشارات قوية لدعم فلسطين، تأتي من أطراف غير متوقعة،
فبعد المصادقة الدولية على تقرير غولدستون الذين يدين الحرب الهمجية
الصهيونية على غزة، والتي فشلت الدول العربية في استثمارها، هاهي أوربا
توافق على اعتبار القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، كما أن اللورد البريطاني
جورج غالاوي يقود قافلة شريان الحياة الثالثة لرفع الحصار عن غزة، ومن
المنتظر أن يصل الخميس أضخم وفد برلماني أوروبي إلى المنطقة.
وعلى غرار ذلك نجد مبادرات عربية محتشمة، لكنها مطلوبة لفك الحصار تقابل بتعنت السلطات المصرية.
ويبقى السؤال المطروح هو أنه إذا
كانت الأنظمة العربية قد فشلت في التعاطي الإيجابي مع القضية بسبب أو
بآخر، فلماذا لا تستفيد من التجربة التركية التي عرف قادتها كيف يمسكون
العصا من الوسط وأحرجوا إسرائيل أكثر من مرة، فليس بالانبطاح تسلم الجرة
ولكن بمعاملة الند للند وليس السيد للقن.
وما هو الدور المطلوب من قوى الممانعة الشعبية العربية للحفاظ على شعلة المقاومة وتعبئة الجماهير.