حكي ان اتفق سارقان على ان يسرقا معا. ويقسما بينهما مايحصلانه من امال السرقة. فقال احدهما للأخر. وهو اشد خوفا من صديقه: يا اخي, فما حيلتنا لو رأنا الناس, وقبضوا علينا وسلمونا بيد الحاكم فأجابه صديقه: علينا ان لا نسرق شيئا بمرأً من الناس, حتى لا يرانا احد, ولا يعلم بنا انسان.
فذهبا ليسرقا. وكلما صمما عى شيء, واذا بأنسان يراهما, فتركا ذلك, وذهبا الى مكان اخر, حتى اشتد بهما الجوع.
فخرجا الى خارج المدينةحيث البساتين, والحدائق.
فقال احدهما للأخر: دعنا نأخذ شيئا من هذا التين, لندفع عن انفسنا الجوع.
فأجابه موافقا : تعال. اصعد الشجر. وانا هنا اراقب ان لا يرانا احد. فلما صعد الاخر الشجر, سأله ليأكد انه ليس هناك من يراهما.
فقال له صديقه بعد تفكير قصير: انزل يا اخي, ولا تأخذ شيئا فهناك من يراقبنا ويرانا.
فأسرع صديقه بالنزول من الشجر, وبدأ يهربان, ويهرولان ويقول احدهما للأخر:
لا تهرول, ولا تسرع يا اخي, فأن الذي يراقينا لا ينجينا منه شيء. وهو ما زال يعلم بنا ويرانا.
فسأله متعجبا: ومن هو ذلك يا اخي
فأجابه: هو الله الذي فوق رؤوسناوهو عالم بكل معلوم وعلمه محيط بكل شيء. فهو يراقبنا ويراقب الخلق كلهم.
وليس شيء من العلى الى الثرى الا وقد احاط به علمه, لأن الاشياء بعلمه ظهرت, وبقدرته انتشرت.
فقال له صديقه: يا أخي , ان كان الامر كذلك فلا يسعنا ان نسرق.
فأجابه: نعم, علينا ان نترك هذا, ونتكول على الله الواحد الرزاق, فهو سيعلم بناوهو كافل لأرزاقنا.
فصمما من ذلك الوقت, ان لا يعملا ما يغضب الرب , بلا يجعلاه نصب اعينهم. لأنه يراقب الناس ويراقبهم في جميع الاحوال. وقيل بعد ذلك انه اصبحوا من اكبر تجار المدينة وذلك بفضل رزقهم الحلال.