بسم الله الرحمن الرحيم
* ما هي الحاكمية/السيادة ؟ ماذا تعني ؟ لمن هي في الأنظمة الوضعية ؟ لمن هي النظام السياسي الإسلامي ؟ ما الفرق بين السيادة والسلطة ؟ دعونا نجيب
* السيادة في السياسة تعني العلو المطلق على كل ما سواها ، ومن يملك السيادة .. هو يملك "الحق" في أن يقول ويفعل ويحكم بما يشاء ولا معقب لحكمه
* أول نشوء لفكرة السيادة بشكلها التطبيقي كان في القرن السادس عشر الميلادي تقريبا حين أراد الملك الفرنسي الاستقلال والاستفراد بالحكم عن البابا
* أعلن حينها الملك الفرنسي سيادته sovereign على الأراضي الفرنسية (= هو من يملك إدارة الحكم وحده دون تدخلات خارجية أو داخلية)
* حين قامت الثورة الفرنسية لإسقاط الملكية المتفردة بالحكم ؛ جُعل السيادة للشعب .. وتم النداء بالشعب سيداً على الأرض الفرنسية
* في النظم السياسية المعاصرة ؛ لمن السيادة ؟ هذا سؤال صعب لا يمكن الجواب عليه بسهولة ، فهناك (سيادات) متنوعة لا شكل واحد !
* هناك سيادة الشعب .. وهناك سيادة البرلمان .. وهناك السيادة الديموقراطية .. وهناك سيادة الأكثرية ؛ وغيرها بأشكال وصور مختلفة .. ومتضادة !
* في الأنظمة الوضعية العلمانية ؛ السيد هو ما نص الدستور على سيادته ، فمثلاً .. في فرنسا السيادة للشعب .. وفي بريطانيا السيادة للبرلمان
* في النظام السياسي الإسلامي .. الحكم لله وحده لا معقب لحكمه ، فما نص الله قطعياً على تحريمه فلا يمكن لأحد كائنا من كان نقض هذا الحكم أو رده
* طيب.. وما سُكت عنه وهو كثير جداً ؟ فوض الله الأمة بحسب زمانها ومكانها أن تتخذ ما تراه صالحاً من تنظيمات تمكنها من إقامة الدين وسياسة الدنيا
* هذا التفويض اسمه (السلطة) ؛ ولهذا في النظام السياسي الإسلامي .. كما أن السيادة لله فإن السلطة للأمة ، بحيث تكون هي القيمة على تطبيق الشريعة
* في النظام الإسلامي ؛ الأمة هي أصل السلطة .. سلطة توكيل/تولية الحاكم .. سلطة الرقابة عليه للتأكد من تطبيقه للشريعة .. سلطة عزله لو بدّل
* : هذا الدور المنوط بالأمة دور جوهري رئيسي .. خاطبها الله تعالى به في القرآن في عدة مواضع .. كان الحديث فيها كلها موجهاً للأمة لا لآحادها
* سلطة الأمة هذه مرهونة في الشريعة بالتفويض الذي فوضها الله به .. وهو صاحب الأمر والحكم ، فمتى خرجت الأمة عن نصوص المشرع كانت سلطتها لاغية !
* وهذا هو الفرق الرئيسي بين السلطة والسيادة ؛ فصاحب السيادة لا راد لحكمه وله الحق المطلق في إباحة/تحريم ما يشاء ، أما صاحب السلطة فهو محكوم
* طيب.. كيف تكون السيادة لله (متمثلة في شريعته) ؟ كيف نعرف ما هو مراد الله ؟ جواب هذا السؤال تتجلى فيه عظمة الشريعة !
* في النظام الإسلامي لا أحد يملك الحق المطلق أن يقول : ما عندي جزماً هو مراد الله .. سواء أكان حاكماً أو محكوماً أو عالماً ديني أو غير ذلك
* إنما ترك الله تفسير شريعته للأمة في كل عصر (أخذاً بالاعتبار أدوات الشريعة وكمية قيم الأمة وحالها في زمانها) وإنزالها على الواقع
* طيب.. اختلفنا من صاحب التفسير الأصوب؟ هذه مشكلة تحدث حتى في الأنظمة الوضعية حين يحدث خلاف دستوري بين أجهزة الدولة والشعب وغيرها :)
* المرجع يكون بوجود محكمة/هيئة دستورية مكونة من أصحاب الفهم الشرعي والسياسي لدراسة المشكلة والوصول إلى جواب يأخذ صفة الحكم الدستوري
* طيب.. أي شريعة تقصد؟ شريعة السعودية وإلا شريعة بروناي وإلا شريعة داعش وإلا شريعة بوكو حرام ؟ أيها ؟
* ليس المهم أيها :) المهم أن تجلس الأمة على طاولة واحدة تمسك المصحف بيد وتمسك يد بعضها بعضاً باليد الأخرى .. وشريعة الله ليس لغزا ولا فوازير
* المشكلة أننا لا نقيس الشريعة إلا بانتهاكات من يتسمى باسمها ، بينما نحن نعلم جيداً أن الإشكال في تطوير الوسائل والتنفيذ .. وليس في الشريعة
* دعك ممن يقول شريعة الله لا تأكل الطعام ولا تمشي في الأسواق؛ حتى سيادة الشعب لا تأكل الطعام ولا تمشي في الأسواق أيضاً :) إنما المهم فهمك لها
* لا تتصور أبداً أن الحكم الإسلامي حكم جبري يغتصب حق الأمة ! أنت ملزم أن تتوب وتستغفر إن كنت تظن هذا ..