بلغيني متى اللقاء
م ن ق و ل .......
قصه خلود وصديقتها المتوفيه .. هل يوجد فعلا اصدقاء حقيقون في هذا الزمن؟
اما بعد فقصتي هي رثاء ايامي وقلبي مجروح بردائي اتعبتني الدنيا حتى اصبحت لا ارى لحياتي معنى للوجود وطعما للخمود وانا ملتفة بالقيود غبت عن عالم البشر حتى ظننت انني قيثارا يلحن اغنيات الصد والهجر امحو كل جميل وازين كل عليل ,فسأبقى انا دواء انسان رغم كل داء. غرقت في افكاري وسبحت في مشاعري واكننت مخاوفي فأطلقت على نفسي عنان الحرية ورسمت كياني على سطور حناني كي لا يشعر رفيقي بخشونة ردائي فأعتبره اخيرا من نصيبي .كتبت مقدمتي واقبلت على موضوعي فاحترت في قولي,
ألي مقدرة على البوح بأسراري أم هذا سوف يكون فقط جزءا من تجربة حياتي .بدأت في مواقفي مثلما يقولون هذه تجربتي .أمسكت قلمي وانا أشعر بالخوف الذي يتسلل في اعماقي ,كنت اعيش في سجن دائم بعد وفاة اقرب الناس الى قلبي (صديقتي الوفية).أحسست بقرب اجلي وانا اعيش في غربتي بين اهلي وأقاربي .كرهت الجميع حتى نفسي ولكني لم ابوح بكرهي ,
ذهبت ابحث وابحث مرارا وتكرارا عمن يساندني فلم اجده كنت على وشك الدخول في حالة نفسية محبطة .فقلت في قرار نفسي يجب ان اتخلص من وحشتي وإلا سوف اعلن انتحاري .ذهبت إليها وخطواتي متثاقلة في يوم لم ازل اتذكره حتي اصبح جزءا من ذاكرتي , ألقيت السلام على والدتها وأنا أرى الحزن قد رسم على وجهها فأرشدتني إلى غرفتها ,
أمسكت بمقبض بابها وأنا متلهفة لرؤيتها دخلت عليها صعقت من حالها فتبدل حالي من متلهفة إلى رؤية صديقتي إلى بركان أحترق في داخلي من هول المصيبة وببطئ شديد اشعلت مصابيح الإضاءة عليها ,فقالت :اخرجوا لا اريد ان ارى احدا. فقلت :وهل اخرج أنا ايضا. وما ان سمعت صوتي حتي طارت فرحا لوجودي ولكن سرعان ماتحولت فرحتها إلى حزن وضحكتها إلى بكاء .فجلست بجانبها على السرير وأقبلنا بعضنا بلأحضان والهمسات والبكاء والعتاب والقليل من الفكاهية . فرأيت وجهها وأزلت ذاك الغطاء المنسدل عليه , فقالت لي :أعلم ان ملامح وجهي قد تغيرت.فسألتها (والخوف يغلبني):مابك؟.
فأجابتني وليتها لم تجبني وليتني لم اسمعها (انا بي سرطان) فأحسست بالحرقان .ولكني هدأتها وامرتها بأن نقوم نصلي ركعتين.فحملتها لعدم مقدرتها على الوقوف وذلك من شدة مرضها فقالت لي بأنها تشعر بلإحراج معي إن دخلت معها الخلاء فأجبتها بأن: الصديق في وقت الضيق وكيف أكون صديقتك إن لم اكن معك في ضيقك.فذهبنا في الخلاء وتوضأنا وفي هذه الاثناء لم أشعر ابدا بلإشمئزاز بل بالفخر والإعتزاز وخرجنا نصلي وما إن جلسنا لنتحدث."طرق الباب" فإذا هي والدتها وبيديها طعام لنا .فقالت لي (بكل تردد):يا ابنتي خلود حاولي ان تقنعي فاطمة بأن تأكل لأنها لم تأكل منذ فترة طويلة. فأخذت الطعام من يديها و قلت لها بانها سوف تأكله, فوضعت الطعام ولكنها لم تشتهي أكله ,فمع اصراري وإلحاحي وطبعا
(جوعي)بأن تأكل معي. لبت طلبي اخيرا وأكلنا معا حتي انهينا الطعام نصفه. فبدأنا نتبادل أطراف الحديث فغالبا ما كنت الدور المصغي إليها وكانت الحرارة تزيد في داخلي ,وكثرت اسئلتي حتى أحسست بأنها كالجبال المنهدة على رأسي (لكني لم اسألها رأفتا بحالها).حتي اتى وقت ذهابي ,فإستئذنتها بالمغادرة (ولم اعلم بأنها آخر مغادرة)فأنقضت على يدي وخفت مما يجري وقالت لي نصيحتان لازلت أتذكرهما إلى الآن فالاولى هي: احذري ثم احذري ثم احذري فإن الحياة مليئة بالمغامرات والمحطات فلا تيأسي .والاخرى:خلود إن من يختارك فليختارك وهو مغمض العينين لانه يضمن بأنه سوف يعيش معك بسعادة.كان بإمكاني ان أشعر آنذك بالفخر والتشجيع ولكني شعرت بالرعب والشفقة حيال صديقتي ,فهاتين العينان الغائرتان واليدان المشتعلتان والدمعتان الحائرتان جميعها جعلتني معذبة, سحبت يداي من يداها وأنا محطمة لم استطع أن أكبت دموعي أقسم بأنني حاولت ولكن لم أستطع غلبتني دموعي وهي تسيل من عيناي كسيل المطر فالسد لايوجد أمامه حد.وكانت (المفاجأه)في اليوم التالي عندما تلقيت خبرا من زوجة اخيها بأن فاطمة قد رحلت.ولكن كيف ولماذا وأين لا أستطيع تصديق ذلك لقد كنت معها بلأمس وفقدتها اليوم,ياويحتا على ما اصابني .
صدمة محزنة ولكنها مؤلمة جدا فالوقت ذاته.
شعرت بأنني أعيش في ظلام حالك رغم كل الأضواء حولي وفي غربة المسجون رغم كل الأقرباء معي .
فمرت الايام والشهور وربما قرب لسنة لوفاتها وأنا أعيش في فراغ قاتل .حتى أتى هذا اليوم الذي أبدل الله ظلامي نورا بهدايته وصبري فرجا بأمره وسجني إفراجا بفضله.
فمنذ بداية السنة الثانية لي فالثانوية شددت عزيمتي بأن المولى موفقي. فلم ارى من خذلني بل الجميع مددوا ايديهم وأسعتنت بهم فلم يخذلوني فإنهم منارات حياتي. رأيت الحياة بمنظور مسالم وأن القدر بيد القدير وكل نفس ذائقة الموت. احببت أن اجعل لي على الاقل فالسفر رفيق ,فلم أرى أسلم من الكتاب فإنه بحق خير صديق ,والقرآن خير وأصدق كتاب فهو على قلبي دواء كالرحيق.أحمد الله بأن الاوان لم يفت رغم اسفي على ما فاتني سدى. ففعلا كتابي رفيقي وردائي والجميع منارات دربي والاخرى وإن أخذها القدر فستظل تعيش في قلبي.
فأسطر وفاءا بحبها وأقول:
ماذا عساني ان اقول
حيرتي قلبي وجميع العقول
فاجأتيني بالسرطان فهل هذا معقول
جعلتيني اشعر رغم حبي لك بالذهول
هل هو القاتل وانت المقتول
أم هذا وهم أوهمته نفسي وأنا اشعر بالخذول
بلغيني متى اللقاء أم هذا فقط خبر منقول
أم معادلة قي قسمة حبك يبحث عن الحلول
أم جمع احاديثنا ونصف الطعام مأكول
أقسم بأنني لم أشعر قط معك بالخمول
بلغيني متى القاء وأفتحي قلبي لانه صار من بعدك قاس مقفول
تهت في عالم الإعراب عن حبك حتى صرت أبحث عن الفاعل والمفعول
فماذا عساني أن أقول
ماذا عساني أن أقول
رفعت الاقلام وجفت الصحف
منقول