قالوا: ذهب إلى مثواه الأخير!!!
ما أنت بالمثوى الأخيرِ وأنتَ جسرٌ للحياةْ!!!
يا ويلتي من ضيقِ لحدِك..من ظلامِك..ويلتاه
يا سرمديَّ الليلِ..والآفاتُ عسكرُك العُتاةْ!!
أين المعظّمُ والمسفّلُ..والرعيةُ و الرعاةْ؟!
نزلوا إليكَ فجُرِّدوا من كل سلطانٍ وجاه..
أين الفقيرُ من الغني.. وما الذي أجدى غناه؟!
لكأنَّ هذا العمرَ برقٌ تاه لم يبلغْ مداه!
ياقبرُ قل لي ما الذي أعددته لقِرى العصاةْ؟!
الوالهينَ مع الهوى والساجدين إلى مناةْ!
والبائعينَ الدينَ في سوقِ المناصبِ والرَّفاه!
من صدَّ عن دربِ التقاةِ ومد كفًا للطغاة!
ياقبر قل لي ما الذي أعددته لقرى العُصاة؟!
من عق أمًا ـ أخلصته حياتها ـ وعصى أباه؟!
أو خانَ موطنَه ، صدى ميلاده، ومدى صباه!
و بأي وجدانٍ حضنتَ أولي النّميمةِ و الوشاةْ!
وبأي هولٍ قد تلقيت الزواني والزناةْ ؟!
ياقبر قل لي ما الذي أعددته لقرى العُصاةْ؟!
أين اغترارُ السادرين؟! وأين تصعيرُ الغواةْ؟!
ياقبرُ فيك مواعظٌ رجفت لها مهج العُتاةْ..
يا وحشتي من غربتي..من ظلمتي..ياوحشتاه!
سال الصديدُ على الخدودِ وعُفِّرتْ شُمُّ الجِباه..
و الدودُ عربدَ في المحاجرِ والمحاسنِ و الشفاه..
والذرُّ شقَّ طريقَه عبْرَ الحناجرِ و اللَّهاةْ!
يا قبرُ أنتَ مطيتي بين المهالكِ و النَّجاةْ..
علّي أُنيرُكَ بالتلاوةِ والإنابةِ والصلاةْ..
و أشيدُ ركنَك بالهديةِ و العطيّة و الزكاةْ..
وأزيلُ وحشك بالتبسمِ والسماحةِ والأناةْ..
وأنفّسُ الضيقَ الخنوقَ بآيةٍ تجلو الغشاةْ..
أو سجدةٍ في ظلمةٍ أو دمعةٍ تُطفي اللَّظاةْ..
يا قبرُ أنتَ حقيقةٌ كالشكِ في مُهجِ الغُفَاةْ!!
بيني وبينك بغتةٌ بين العشيّة والغداةْ!!
عش في فؤادي همّةً في الله تبحث عن رضاه..
كن في دمي تقوى تصدُّ عن الرذائلِ والسَّفَاه..
واسمق بروحي في سماء العزّ.. في أعلى علاه
يا قبرُ عمّرنا القصورَ..فهل لصرحك من بُنَاة؟!
كلٌّ لحـــوضك سائرٌ.. ولكل أمـــرٍ منتهاه!
شعر: م. صالح بن علي العمري - الظهران