فـــضــل تــلاوة الــقــرآن
إن تلاوة القرآن الكريم من أفضل العبادات، وأعظم القربات، إن الله تعالى رتب على قراءة القرآن أجرًا كبيرًا، فكرم الله تعالى عظيم، ومنتّه واسعة، وعطاؤه بلا حساب، حتى أن القارئ الذي يجد في قراءة القرآن مشقة وصعوبة له أجران، أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة البررة والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه وهو شاق عليه فله أجران» ذكر أهل العلم أن الأجرين احدها على القراءة والثاني لمشقتها على القارئ .
وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان تحاجان عن أصحابهما» [رواه مسلم]، فأي فوز لمن كان له القرآن الكريم شفيعا.
حملة القرآن القائمين عليه التالين له هم أهل الله وخاصته، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تعالى أهلين من الناس: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني] - وليس المقصود التلاوة فقط بل مع الفهم والتطبيق.
إن معلم القرآن ومتعلمه فإنهما من أفضل الناس وارفعهما مكانة، فعن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [رواه البخاري].
ولقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأجر العظيم المترتب على قراءة القرآن فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» [رواه الترمذي]، قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم.
الآداب المطلوبة عند تلاوة القرآن
1- إخلاص النية لله تعالى: لأن تلاوة القرآن من العبادات الجليلة قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [سورة الزمر: 2], وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن وابتغوا به وجه الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يُقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه» [رواه أبو داود وحسنه الألباني] ، ومعنى يتعجلونه : يطلبون أجر الدنيا.
2- أن يقرأ بقلب حاضر: يتدبر ما يقرأ ويتفهم معانيه ويخشع عند ذلك قلبه ويستحضر بأن الله يخاطبه في هذا القرآن لأن القرآن كلام الله.
قال ابن القيم: "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم سبحانه، منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [سورة ق: 37]، أي لمن كان له قلب حي الذي يعقل عن الله".
قال ابن القيم: "من قرئ عليه القرآن فليقدر نفسه كأنما يسمعه من الله يخاطبه به" (مدراج السالكين)
3- أن يقرأ على طهارة: لأن هذا من تعظيم كلام الله عز وجل ولا يقرأ القرآن وهو جنب حتى يغتسل إن قدر على الماء أو يتيمم إن كان عاجزًا عن استعمال الماء.
4- أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند إرادة القراءة: لقوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [سورة النحل: 98]. مسألة!! وهو مستحب عن جمهور العلماء.
مسألة:
أما البسملة فإن كان ابتداء قراءته من وسط السورة فلا يبسمل وإن كان من أول السورة فليبسمل إلا في سورة التوبة فإنه ليس في أولها بسملة، لأن الصحابة رضي الله عنهم أشكل عليهم حين كتابة المصحف هل هي سورة مستقلة أو بقية الأنفال ، ففصلوا بينها بدون بسملة.
5- أن يرتل القرآن ترتيلا: لقوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [سورة المزمل: 4]، قال النووي: وقد اتفق العلماء على استحبابه، لأن الترتيل أقرب للتوقير، وأشد تأثيرا في القلب من القراءة السريعة.
مسألة:
ولا بأس بالسرعة التي ليس فيها إخلال باللفظ بإسقاط بعض الحروف أو إدغام ولا يصح إدغامه، فإن كان فيها إخلال باللفظ فهي حرام لأنها تغيير القرآن.
6- يستحب إذ مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب وإذا مر بآية تنزيه الله تعالى نزهه.. فقال: سبحان و تعالى وإذا مر بآية سجدة سجد ويقول: "سبحان ربي الأعلى "
صـــحـــبـــة الــــقــرآن
* إن للقرآن صحبة، فمن أحسن صحبة القرآن أحسن القرآن صحبته، وأما من هجر القرآن فإن القرآن يهجره، فلا يرى له شوق إلى تلاوة كتاب الله.
* صحبة القرآن تصحب العبد حتى تقوده إلى الجنة في درجاتها العالية، قال صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» [رواه أبو داود وصححه الألباني]. هكذا يرتفع القرآن بصاحبه إلى المعالي.
* إن صحبة القرآن لمن أحسنها شرف وأي شرف ، فصاحب القرآن وحامله هو حامل لواء الإسلام.
قال الفضيل بن عياض: "حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلغو مع من يلغو، ولا يسهو مع من يسهو ، ولا يلهو مع من يلهو، تعظيما لله تعالى. قال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [سورة الأنبياء: 10]"، قال ابن عباس: "فيه شرفكم".
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ارتفاع شأن أهل القرآن به فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين» [رواه مسلم].
وعلى حامل القرآن ألا يُعجب بنفسه ويغتر أو يتكبر على الخلق بما أكرمه الله به قال تعالى:{ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {74} يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [سورة آل عمران:73-74].